لبنان

بقرار سياسي.. الضرائب تلاحق الطبقات الفقيرة!!

عاد مجلس النواب اللبناني وأقر قانون الضرائب المتعلق بتمويل سلسلة الرتب والرواتب مع إجراء بعض التعديلات عليه بعد إعلان المجلس الدستوري عدم دستوريته سابقا، ومع اقرار القانون تواصل الحديث عن الأضرار التي ستلحق بعموم الشعب اللبناني لا سيما الطبقة الفقيرة واصحاب الدخل المحدود باعتبار ان نسبة كبيرة من الضرائب تطال هذه الفئات بشكل مباشر، رغم ان البعض تحدث عن تطور في فرض الضرائب على المصارف واقرار رسوم معينة على التعديات على الاملاك البحرية.

لكن يبقى الحديث حول ما الذي تغير بين القانون الجديد باقرار الضرائب وبين القانون الذي أبطله المجلس الدستوري؟ وأي تبعات ستكون على الاقتصاد اللبناني وعلى أحوال اللبنانيين وقدراتهم المعيشية التي هي بالاصل في حالة يرثى لها؟ وهل سنجد من النواب من يطعن بالقانون الجديد لعدم دستوريته أم أن القانون الجديد ليس مخالفا للدستور؟ وهل يمكن للمجلس الدستوري التحرك مباشرة ليضع يده على القانون للبحث بدستوريته من عدمه ام ان الامر يتعلق بطعن يجب ان تقدمه جهة بعينها؟ ولو افترضنا انه تم الطعن امام المجلس هل يمكن له ان يبطل القانون باعتبار انه يرهق كاهل المواطنين بأعباء اضافية غير ضرورية ويمكن تأمينها من مصادر اخرى لتمويل سلسلة الرتب والرواتب ام ان مثل هذه المسائل تخرج عن اختصاص المجلس الدستوري؟

بين القانون والسياسة.. المواطن يدفع الثمن؟!

بادئ ذي بدء الاكيد انه لا يحق بحكم القانون للمجلس الدستوري اللبناني ان يضع يده مباشرة على القانون للبحث في دستوريته وانما الامر يتطلب ان تقوم احدى الجهات المنصوص عليها في “قانون انشاء المجلس الدستوري” ولها صلاحية الطعن او تقديم مراجعة امام المجلس وهذه الجهات بالحالة الراهنة هنا هي: رئيس الجمهورية، رئيس مجلس النواب، رئيس الحكومة وعشر نواب، وعلى الارجح ان امكانية الطعن تُنتظر من قبل النواب وليس من الرؤساء الثلاثة، فهل سيقدم النواب الذين طعنوا اول مرة بقانون الضرائب لتمويل السلسلة بالطعن مرة جديدة امام المجلس الدستوري خاصة ان لا تغييرات جوهرية وجذرية أدخلت على القانون؟

وتثبت الوقائع ان الطبقة السياسية ممثلة بالكتل النيابية في البرلمان قامت على عجل بإجراء بعض التعديلات تماشيا مع ملاحظات المجلس الدستوري، فهل النواب الذين تقدموا سابقا بالطعن بالقانون السابق سيكتفون بذلك خدمة لمصالحهم السياسية، ما يوحي ان الطعن الاول كان هدفه تسجيل مواقف وخلفيات سياسية اكثر منها البحث عن مصالح الناس وتخفيف الضغوطات المالية عنهم، حيث تصر السلطة السياسية تحميلها لهم من دون تقديمات تذكر وفي ظل ارتفاع نسب البطالة وغلاء المعيشة وتدني الاجور والرواتب لغالبية الشعب اللبناني.

فرض الضرائب في لبنان.. عشوائية ام سياسة مقصودة؟!

وهنا لا بد من التساؤل عن الجهات التي تنظّر للسياسيين في لبنان بفرض ضرائب، على الرغم من ان جميع خبراء الاقتصاد يشكون ويحذرون من مخاطرها على الواقع الاقتصادي والمعيشي اللبناني وانها ستدفع عشرات الآلاف من اللبنانيين الى تحت خط الفقر، اي انه مع كل السلبيات التي تذكر عن هذه الضرائب نجد فرضها بشكل عشوائي يستمر يوما بعد يوم دون أي دراسة حقيقية لايجابياتها وسلبياتها على البلد ككل بما يوحي ان السلطة السياسية منفصلة بشكل تام عن الواقع الذي يعيشه المواطن، وتبقى الزيادة التي لحقت الضريبة على القيمة المضافة احدى ابرز الضرائب الجديدة المفروضة التي يرجح انها ستثقل كاهل المواطن لانها ستسمح للهيئات الاقتصادية وللتجار على اختلافهم برفع الاسعار.

واللافت هنا ما ذكره عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النيابية النائب علي فياض من ان “سلسلة الرتب والرواتب كلفتها 1400 مليار ليرة لبنانية، اما الإيرادات المؤمنة فقيمتها تزيد على الـ 1900 مليار”، ما يؤكد ان الهدف لدى الطبقة السياسية في لبنان ليس فقط تمويل السلسلة بما يصب في مصلحة شريحة من اللبنانيين، إنما الهدف هو أخذ المال من الناس لصرفه وفقا لاجندات معينة قد لا تصيب المواطن اي فائدة من خلالها، وكلام النائب فياض فضح بعض المخططات التي تحاك من قبل فية من السياسيين حول مدى العمل لمصلحة الناس، وهذا الامر يطرح تساؤلات حول كيف ستصرف المبالغ الفائضة والبالغة 500 مليار ليرة لبنانية، كما تطرح التساؤلات عن جدوى فرض بعض الضرائب لا سيما الضريبة على القيمة المضافة التي ستصيب الجميع وفي مقدمتهم الطبقات الفقيرة.

وستبقى الخطورة التي تشغل بال اللبنانيين، هي عدم قدرة الدولة على ضبط الاسعار لمختلف السلع في السوق خاصة مع عدم وجود آليات موضوعة مسبقا للمراقبة والضبط، علما ان وزارة الاقتصاد الوطني حاولت خلال الاسبوع الماضي(اي بعيد اقرار القانون الجديد للضرائب) تسيير جولات على بعض المؤسسات بعضها بحضور مديرة عام الوزارة عليا عباس وبمتابعة مباشرة من قبل الوزير رائد الخوري، لكن الرهان هو في مدى استمرار هذا الامر ومدى القدرة الحقيقية على ضبط التلاعب بالاسعار من قبل التجار والمؤسسات التجارية او محاولة استغلال الفوضى الموجودة لرفع نسب الارباح لدى البعض على حساب المواطن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى