لبنان

حزب الله يعتبر ما حصل في لبنان من اعتداء على السوريين عنصرية بغيضة وباسيل يصف القوات بـ”النازيين”

بيروت ـ “راي اليوم” ـ كمال خلف:

اثار مشهد هجوم انصار ومحازبي حزب القوات اللبنانية على اللاجئين السوريين المتجهين امس الى سفارة بلادهم في بيروت للمشاركة في الاقتراع في الانتخابات الرئاسية الجدل والاستنكار في لبنان. ولكن كيف انقلب زعيمهم سمير جعجع على ملف اللجوء واطلق شارة الهجوم عشية يوم الاقتراع على اللاجئين السوريين وطالب بطردهم من البلاد؟

في بداية الحرب في سورية لعبت احزاب وقوى وشخصيات لبنانية دورا مبكرا جدا في الانخراط بالحرب السورية ونقل السلاح الى داخل سورية وتمرير المقاتلين والتمويل عبر الحدود لصالح تشكيل مجموعات لاسقاط الاسد، ولعل اغلب المهتمين بالازمة السورية يغفلون ان القوى المناوئة لدمشق في لبنان سبقت تدخل حزب الله بالحرب السورية بوقت طويل، وهذا الملف لم يفتح بعد امام الراي العام اللبناني والعربي لمعرفة الادوار التي كانت منوطه ببعض الجهات اللبنانية في وقت مبكر جدا من عمر الحرب السورية . و”لعله سيفتح في وقت ما” وكان مسالة فتح الحدود للاجئيين السورين قضية تدافع عنها تلك الاحزاب والقوى بستار انساني ظاهري، انما في الواقع السياسي كان مشهد تدفق اللاجئين جزءا من مشهد اوسع يسحب الشرعية من النظام السوري ويجعل مخيمات اللاجئين منطلقا للتجييش ضد الحكومة السورية، بل والتجنيد ايضا للقتال في صفوف الجماعات المسلحة . الا ان مشهد تدفق اللاجئين السوريين الى سفارة بلادهم للاقتراع في الانتخابات الرئاسية السورية عام 2014 فاجا الجميع في لبنان وسورية. ولم يكن احد سواء حليف لسورية او معاد لها في لبنان يتوقع ان يزحف السوريون لانتخاب الرئيس الاسد. اما في الانتخابات الراهنة فان توقع القوى المناوئة لسورية ذات المشهد دفع رئيس حزب القوات سمير جعجع الى تهديد اللاجئين بالطرد اذا شاركوا بالانتخابات تبعها نزول انصاره صباح يوم الاقتراع لقطع طرق الناخبين والاعتداء عليهم وتكسبر حافلاتهم وسياراتهم امام اعين القوى الامنية اللبنانية وحضور مسبق لبعض وسائل الاعلام المقربة من حزب القوات مصحوبة بخطاب يميني عنصري وحملة كراهية منافية للقيم الانسانية . لينقلب خطاب تلك القوى من داعم للاجئين قبل سنوات باعتبارهم معادين للنظام الى معاد لهم ومطالب بطردهم باعتبارهم مؤيدين للاسد . والامر الاكثر استغرابا في المشهد القاتم هو قيام انصار حزب القوات باحراق علم فلسطين دون اي مبرر.

هذه الاحداث ادت الى موجة استنكار واسعة في لبنان رغم محاولات تيار اليمين العنصري تبرير الحادثة وسوق سردية تقول “اذا كانوا مؤيدين للاسد فليذهبوا اليه” وعلّق رئيس حزب التيار الوطني “اكبر الاحزاب المسيحية” جبران باسيل، على الأحداث قائلا: “عندما قلنا بعودة آمنة وكريمة للنازحين السوريين، قلتم أنّنا عنصريون!… عندما تضربون نازحين مسالمين ذاهبين للتصويت في سفارة بلدهم وتعتدون على أمانهم وكرامتهم، نقول عنكم انّكم نازيّون، مع فرق واحد، أنها الحقيقة”.

واستنكر حزب الله في لبنان في بيان، “بشدة الاعتداءات المشينة التي قام بها عدد من المجموعات ‏الحزبية ضد جموع المواطنين السوريين في بعض المناطق اللبنانية والتي ادت في ما ‏أدت الى جرح البعض وتكسير الحافلات وإساءات عنصرية بغيضة لا تمت ‏بأي صلة الى القيم الاخلاقية والتصرف الانساني والعلاقات الطبيعية المفترضة بين ‏الشعبين اللبناني والسوري.

واضاف البيان: “إن هذه المجموعات ومن يقف خلفها من قوى سياسية لا تمثل على الاطلاق عامة الشعب اللبناني الذي أصر طوال سنوات الازمة السورية على احتضان النازحين ‏من بلدهم، ولا شك أن الشعب اللبناني بغالبيته الساحقة براء من هذه التصرفات ‏المرفوضة، وهو مؤمن بحسن الجوار مع الشقيقة سوريا،ويأمل بقوة بعودة العلاقات بين ‏لبنان وسوريا الى طبيعتها لما فيه مصلحة الشعبين والبلدين على مختلف ‏المستويات، ولا شك أن مشاركة المواطنين السوريين بهذه الكثافة العالية في ‏الانتخابات الرئاسية أزعجهم بشدة،بعدما سقط بالكامل مشروع الاستثمار السياسي ‏في النازحين السوريين ومأساتهم التي تسببت بها قوى التكفير والإرهاب ورعاتها ‏الدوليون والاقليميون”.

ودعا الحزب ” السلطات الامنية والقضائية اللبنانية الى وضع يدها بقوة على هذا الملف ‏ومنع التجاوزات ومحاكمة المسيئين والمعتدين، ووضع حد للكراهية والبغضاء ‏والعنصرية المقيتة

وأعرب سفير سوريا في لبنان علي عبد الكريم عن أسفه لإقدام عدد من اللبنانيين على الاعتداء على الحافلات التي تقل السوريين من مناطق تواجدهم إلى السفارة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية. وقال السفير عبد الكريم في تصريح للصحفيين: “مؤسف إلى حد لا أرى تبريراً له أن يقدم عدد من اللبنانيين على الاعتداء على الحافلات التي تقل السوريين من مناطق تواجدهم إلى السفارة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية”.

وناشد عبد الكريم كل القوى والأجهزة في لبنان في الدولة والجيش والأجهزة الأمنية للتدخل وتطويق ما يجري لأن ما يحدث يسيء إلى صورة لبنان.

وقال عبد الكريم: يجب أن تكون هناك ملاحقة ومحاسبة من قبل السلطات اللبنانية لكل من اعتدى على السوريين الذين كانوا متجهين الى السفارة للمشاركة في الانتخابات الرئاسية.

 رئيس حزب التوحيد العربي والوزير اللبناني السابق وئام وهاب قال عبر تويتر إن “قطع الطرق والاعتداء على الناس خط أحمر” وأضاف مخاطبا رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع: لا تلعب بالنار. واضاف إذا كانت القوى الأمنية غير قادرة على حماية الطرقات والناس فهناك قوى قادرة أن تلم الزعران خلال ساعات”. خيارنا الدولة إذا كانت قادرة وإلا سندعو القوى الوطنية للنزول الى الشوارع وحسم الأمر . أتفهم غيظكم من الزحف الشعبي لانتخاب الأسد ولكن إياكم والأمن”.

غرّد النائب جميل السيد عبر حسابه على “تويتر”، قائلاً: “‏إلى جعجع وشركائه،‏عندما تآمرتم مع دول عربية وأجنبية، وفتحتم الحدود للنازحين السوريين في 2011، وإستدرجتم مساعدات دولية، وأنشأتم جمعيات وهمية، وعقدتم دورات تحريضية و..‏إعتقدتم أنكم ستجندوهم ضد سوريا ورئيسها، فصدمكم اليوم زحفهم طوعا لإنتخاب الأسد، وأفلستم..‏فأرسلتم زعرانكم لضربهم”.

ربما ما حدث قد يصنف في لبنان على انه حادثة عابرة، الا انها قد تكون ابعد من حادثة اذا ما تم ربطها بتصاعد خطاب اليمين العنصري وتلقيه تمويلا ودعما من خارج لبنان، وتشجيع خطاب الكراهية ضد الاخرين وليس فقط السوريين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى