سياسة

المؤسسة العامة للسينما والهيئة العامة لمدارس أبناء الشهداء تخرّجان الدفعة الثانية من مشروع “يلا سينما” في دمشق

وفاء دريبي – مرايا الدولية

ماهو الفن السابع “السينما”؟

«الفن السابع».. أي صناعة السينما، تسبقها فنونٌ ستة، صنَّفها الإغريق وانضمت إليها السينما، بعد تطورها من الفن المسرحي إلى أن وصلت لشكلها المعروف حالياً.
ومع أن السينما من أحدث الفنون؛ نظراً لما لاقته من تطور مذهل بتطور التكنولوجيا، إلا أنها استطاعت دمج الفنون الستة كلها، وضمتها تحت مظلة واحدة؛ كونها تعتمد على فكرة وحبكة، وبها موسيقى مصاحبة لتفاصيل سرد الحكايات فيها، وتعتمد على التجسيد والرقص والشعر في بعض الأحيان.

السينما السورية:


وبالنسبة للسينما السورية، عرفت سورية السينما في عام 1908 بعروض سينمائية في مدينة حلب وفي عام 1912 في مدينة دمشق، وتعد السينما السورية من أوائل الحركات السينمائية في المنطقة العربية حيث كانت المحاولات الأولى للإنتاج السينمائي في سورية قد بدأت في مطلع القرن العشرين..
وكان لهذا الفن الراقي القادم من دول أوروبا هو الوسيلة الأكثر تعبيرا عن واقع ومجريات الحياة والأحداث، وتجمع عدد من الشباب السوري المتحمس للسينما في منتصف عشرينات القرن العشرين وعملوا لإيجاد صناعة سينمائية في سورية وفي عام 1927تم البدء بتصوير أول فيلم سينمائي سوري.
السينما السورية بالرغم من تاريخها الطويل والبعد الزمني، تواجه اليوم قلة في إنتاج الافلام السينمائية بسبب توجه العديد من المنتجين وشركات الإنتاج السينمائي السورية إلى إنتاج المسلسلات التلفزيونية بسبب النجاح الكبير التي حققته الدراما السورية على مستوى العالم العربي، مع ذلك إلا أنها تقدم افلام (رغم قلتها) على مستوى راق وتحصد افلام المؤسسة العامة للسينما الجوائز الأولى في المهرجانات السينمائية..

وشهدنا في سورية في سبيل خلق ثقافة سينمائية وفنون بصرية مبدعة ومستقلة وجريئة ومتفاعلة بمجتمعاتنا ومنفتحة على المجتمعات الأخرى، أطلقت المؤسسة العامة للسينما بالتعاون مع الهيئة العامة لمدارس أبناء الشهداء في سورية، العام الفائت، المشروع السينمائي الأول لمدارس أبناء الشهداء في سورية “يلا سينما”، لبناء وتنمية قدرات الأطفال وتمكينهم من فهم واستيعاب فن السينما والواقع بشكل أفضل ومن ثم تدريبهم على صناعة تجاربهم السينمائية الأولى واستخدام السينما للتعبير عن أنفسهم في شتى المواضيع..

“يلا سينما” ينقسم ل ٣ مراحل:
المرحلة الأولى هي “شاشة يلا سينما” من خلال عرض أفلام عالمية وسورية عربية ومناقشتها وتحليلها..
المرحلة الثانية “مكتبة يلا سينما” من خلال الاطلاع على كل ما كتب عن السينما، سواء ترجمات عالمية أو كتب عالمية أو تجارب مخرجين عالميين، هذا يزيد من عشقه للسينما والتأمل بالفن السابع.
والمرحلة الثالثة والأخيرة “المغامرة السينمائية” وهي ورشات العمل من نظري وعملي، وفي نهاية هذه المراحل الثلاث هناك مشروع التخرج سواء عرض مسرحي سينمائي راقص تفاعلي من تصوير كتابة سيناريو ومونتاج .. من خلال عرض أفلام عالمية وسورية عربية ومناقشتها وتحليلها..

هذا المشروع، شهد العام الفائت حفل تخريج طلاب الدفعة الأولى ضمن المرحلة الأخيرة للمشروع وهي “المغامرة السينمائية” الخاصة بتدريب أبناء وبنات الشهداء علوم وفنون السينما، وذلك في مسرح مدارس أبناء الشهداء بدمشق.
واستكمالاً لمشروع ” يلا سينما ” مراحله الثلاث ( شاشة – مكتبة– المغامرة السينمائية ) للعام الثاني على التوالي من انطلاق المشروع، أقيم حفل تخريج الدفعة الثانية من مشروع “يلا سينما ٢”، تنفيذاً لخطتها لهذا العام، وذلك في مسرح مدارس أبناء الشهداء بدمشق.

افتتح الحفل بالنشيد العربي السوري والوقوف دقيقة صمت على أرواح الشهداء، ومن ثم عرض فيديوهات تناولت الخبرات والتدريبات التي قام المدرسين ببذلها لبناء أجيال واعدة في عالم الفن السابع ولتنمية مهارات أولاد الشهداء الذين ضحى أباؤهم بأرواحهم فداء للدفاع والمحافظة على سلامة الوطن.

كما تضمن الحفل عرض لمشاريع التخرج التي قام بها الطلاب على شاشة المسرح، و لوحات تعبيرية راقصة، وعروض مسرحية منوعة قاموا بها على خشبة المسرح تتمتع بحس الفكاهة والتنوّع، وتناولت مواضيع ساخرة بطريقة كوميدية ناقدة لعدة مواضيع يعيشها الشارع السوري كأزمة البنزين والواسطات ..

 

وفي تصريح خاص لمجلة “مرايا الدولية” عبّرت مدير الهيئة العامة لمدرسة أبناء وبنات الشهداء السيدة “شهيرة فلوح” عن مدى سعادتها بتخريج طلاب الدفعة الثانية من المشروع السينمائي “يلا سينما” بالقول: “أنا سعيدة اليوم وفرحتي كبيرة لا توصف، وخاصة بأن التعب لم يذهب سدىً، أبناؤنا يمثلوا قيم آباؤهم الشهداء ومحبة الوطن وغيره من قيم الشهداء، اليوم كانوا موفقين بعروضهم الفنية، وأتمنى لهم مستقبل رائع وأيام أجمل من أيام الحرب التي مررنا بها، وأقول للمخرج والمدير الفني للمشروع المهند كلثوم نحن معك بكافة المشاريع، ونشكرك على عطائك الذي لم يتوقف يوماً وكان عطاء بلا حدود..

بدوره، أكد السيّد “مراد شاهين” مدير عام المؤسسة العامة للسينما، أن ما شاهده خلال الحفل يثبت وجهة نظر الكثير بأن الثقافة هي الحل الأمثل لخلق أجيال جديدة بقدرات جديدة لمحاربة أي فكر سلبي في المجتمع، لأن الطريق الوحيد لمحاربته هو الثقافة، مشيراً إلى أن الحفل كان جميل جداً ومفاجِئ بطاقات طلابه التي شاهدناها والتي لابد من الاستفادة منها سواء بالسينما أم التلفزيون أم حتى في المسرح، فالطاقات الكامنة الموجودة لديهم بقدرة الكادر الفني تم إخراجها وصقلها وهذا مهم جداً من أجل الأطفال ومن أجل مستقبلهم وحياتهم ..

من جانبها، شددت عضو مجلس الشعب السيّدة “جانسيت قازان” على مدى أهمية دعم مثل هذه المشاريع، وعلى أهمية رعاية أبناء الشهداء وكل ما يخصهم، وأن المجتمع السوري خلال فترة الحرب خسر الكثير من المقومات التي تساعده على النهوض بالفن بالرغم من أن هذه الحرب لم تستطع إيقاف الفن، متابعة حديثها قائلة: “ها نحن اليوم نخرج الدفعة الثانية من مشروع “يلا سينما”، وما نلاحظه اليوم هو وجود مواهب كثيرة فذة، مدرسة الشهداء المدرسة الوحيدة في العالم التي تبنّت هكذا مشروع، فهي صرح عالمي لم نرى له مثيل في العالم، القائد المؤسس حافظ الأسد رعى هذه المؤسسة ووضع كل اهتمامه فيها واليوم القائد بشار حافظ الأسد والسيدة أسماء الأسد يرفعون هذا الصرح ويكملون مسيرة القائد الخالد…

من جهته، أشار المدير الفني للمشروع المخرج “المهند كلثوم” إلى أنه اليوم نستطيع القول بأن طلاب “يلا سينما” بدأوا بالاقتراب من الاحتراف، العام الفائت تم صقل الطلاب بالمعلومات الأكاديمية، أما هذا العام اتبعنا أسلوب أقرب للاحترافية، كأسلوب الجامعات الأوروبية والمدرسة الروسية والإيطالية، جعلناهم يطّلعوا على مدارس السينما العالمية ليستطيعوا المناقشة بمدارس السينما من خلال مشروع “يلا سينما”..

وعن مايميّز “يلا سينما ٢” لعام ٢٠١٩ عن “يلا سينما ١”، بيّن كلثوم لن هناك مواد إضافية ليصبح عددهم ٩ مواد، من إخراج ، تمثيل، مكياج سينمائي، مونتاج، مكساج، إنتاج، وغيره، خاتماً حديثه بالقول: “حالياً نحن بصدد التحضير لمشروع “يلا سينما ٣” وسيتم إضافة مواد جديدة عليه بما تصب في الفن السابع، واليوم نحن لا نخرج طلاباً فقط مؤهلين سينمائياً، وإنما نخرجهم أيضاً قادة يستطيعون إدارة أوقاتهم ومشاريعهم وكتابة سيناريو وتصوير وتقديم حفل، فمشروعنا كامل ومتكامل..

وفي حديثنا مع السيناريست “سامر محمد إسماعيل” حول مشاركته ضمن الكادر التدريسي في المشروع عن “كتابة السيناريو”، قال: كان لي شرف المشاركة بهذه التجربة للعام الثاني على التوالي، تجربة مهمة وأتمنى من كل قلبي أن تعمم على كل مدارس سورية، كون السينما هي “فن الصورة، فن المستقبل، فن الضوء”، مشاركتي كانت تقتصر على تدريس مادة السيناريو “فن كتابة السيناريو”، امتد هذا على ساعات عديدة مع طلاب وطالبات أبناء وبنات الشهداء..
ولفت إسماعيل إلى أن هناك حاجة ليست فقط لتدريب كوادر فنية وإنما أيضاً لتدريب متفرجين للحصول على متفرجين جيدين ولتربية جمهور جيد “كتلة غير صماء ” ومجموعة من “الآراء، التيارات، والأفكار” للحصول على جمهور واعي ومثقف وحساس ومتذوق للسينما، مضيفاً، تعلمنا من الأطفال والشباب “العفوية، التلقائية والصدق” فأي فن يعتمد على “الصدق”، وحاولت عبر محاضراتي والساعات التدريبية التي قضيتها معهم في تعليم مادة السيناريو أن نذهب بعيداً لتعليم “فن القص” وهو من أصعب الفنون، وحقيقة لامسنا عندهم تقبلاً كبيراً مع استجابة كبيرة نحو فن الكتابة..

وفي الحديث مع أحد المغامرين السينمائيين ضمن المشروع الطالب “حسن شحود” عن هذه التجربة، قال: “هذه التجربة الثانية لي في مشروع “يلا سينما”، ودوري في المسرحية كان دور المخرج “قائد العمل”، تجربة ممتعة وجميلة جداً، تعلّمت كل ما يخص الفن السابع من أبسط الأمور إلى أصعبها، وكل هذه الأمور لا تستطيع أن تتعلمها إلا في مشروع “يلا سينما”..

وفي ختام الحفل، تم توزيع الشهادات على الطلاب الخريجين في مختلف صنوف الفن السابع وعلى الأساتذة في كل المجالات.

وحضر حفل التخرج وزير السياحة المهندس محمد رضوان مارتيني، ونائب وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد، وعدد من أعضاء مجلس الشعب، وعدد من الفنانين، وأهل الثقافة والإعلام، وحشد من أهالي الطلاب.

مشروع “يلا سينما” مشروع يهدف إلى المساهمة في خلق ثقافة سينمائية وفنون بصرية مبدعة ومستقلة وجريئة ومتفاعلة بمجتمعاتنا ومنفتحة على المجتمعات الأخرى وإلى بناء وتنمية قدرات الأطفال في هيئة مدارس أبناء وبنات الشهداء وتمكينهم من فهم واستيعاب الفن السابع والواقع بشكل أفضل ومن ثم تدريبهم على صناعة تجاربهم السينمائية الأولى ..

والسينما أخذت موقعاً ثابتاً بين الفنون، وأصبحت في الصدارة، فالسينما عالم الخيال الواقعي تمامًا، وفن الحداثة وابنة التكنولوجيا. ما يجعلها تحمل طابعًا أيقونيًا أكثر من أي فن آخر..

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى