سياسة

عام على ترامب في البيت الأبيض..هل استحق ذلك؟!

بعد انقضاء عام كامل على تولي الرئيس الأمريكي الخامس والأربعين دونالد ترامب لمنصبه، بعد فوزه بالإنتخابات على مرشحة الحزب الديمقرطي(هيلاري كلينتون)، انتهى العام بطريقة لم ترى ولن ترى مثله واشنطن ،بعد رحلة من الإثارة قضاها ترامب في البيت الأبيض، جعلت الفوضى تعم العالم على مختلف الأصعدة والمقاييس في الداخل والخارج.

ليس غريبا على رجل لم يجلس سوى على طاولة الصفقات التجارية، أن يعري أمريكا على حقيقتها، وأن يزيد من تشوهات ديمقراطيتها بتضارب في السياسات وازدواجية المواقف وتخبط في القرار.

مضى تسعة عشر شهرا على أبرز الحملات الانتخابية الرئاسية التي وصفت بالأكثر بشاعة في التاريخ الحديث للولايات المتحدة الأمريكية، التي أعطى فيها ترمب جملة من الوعود على صعيد الداخل الأمريكي، انطلاقا من البيئة ووصفه للتحولات المناخية على أنها مجرد خدعة، مرورا بحقوق الانسان ولا يخفى على أحد تبريراته بممارسة التعذيب بالماء في معتقل غوانتانامو، وليس ختاما بالجدار بين الولايات المتحدة والمكسيك، وغيرها من الملفات كالإصلاح الصحي المثير للجدل والقضاء على البطالة والخ.!

لم يمض سوى عام على انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة إلا أن القيل والقال كثر بشأن الإطاحة به في وقت مبكر، وبعيدا عن الأسباب، إلا أن ازدياد التوقعات بشأن عدم إتمام دورته الرئاسية في ظل ما وصلت إليه معدلات تأييده التي لامست القاع، يشير إلى مستوى الارباك الذي يمر به البيت الأبيض، ويتكرر انحدار شعبيته مع مرور الأسابيع ومع كل استطلاع يتم اجراءه وآخره في الجمعة الماضية استطلاع (ريل كليربوليتكس) الذي لم تصل فيه نسبة التأييد لترمب سوى 32%، وهو ما يضعه في موقف محرج ربما اعتاد عليه الرجل، لكنه اذا ما قورن بمن سبقوه من رؤساء أمريكا سيكون الأقل شعبية من بينهم في التاريخ الحديث.

أما خارجيا فقد شهدت واشنطن أسوأ مرحلة علاقات دولية، وأكثرها فوضوية في التعاطي مع المعاهدات والاتفاقيات التي وقعتها الحكومات التي سبقت دونالد ترامب ومن أبرزها “الاتفاق النووي” مع طهران الذي أحدث شرخا ما بين واشنطن والأسرة الدولية، وتحديدا مع عواصم القرار الأوروبي التي أصرت على الاستمرار في تنفيذه فضلا عن مطالب موسكو وبكين بالإبقاء على انجاز هذا الاتفاق.

ويعتقد البعض ان استراتيجيات الرئيس الأمريكي الجديد تسعى إلى استعادة المبادرة الأمريكية في السياسة الدولية وطي مرحلة الصبر الاستراتيجي التي انتهجتها واشنطن على مدار عقد أو أكثر إزاء أعداءها، يعتقد آخرون أن القرارات الترامبية ألحقت أضرارا بالغة بالسياسة الخارجية الأمريكية، من شبه الجزيرة الكورية التي تخيم عليها أجواء الحرب النووية وزيادة التصعيد والتصعيد المضاد ما بينهما وتبادل التصريحات النارية، مرورا بضبابية الموقف الأمريكي إزاء منطقة الخليج الفارسي واللعب على اشعال الفتن وتناقض السياسات من الأزمة (السعودية الإماراتية – القطرية)، وصولا بإرتداءه للزي الإسرائيلي الذي أطاح بالدور الأميركي في عملية السلام (المتلكئة) ما بين الفلسطينيين والكيان المحتل، من خلال إعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الكيان الغاصب وعزمه نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس، ما أثار موجة واسعة من الغضب والتنديدات والاستنكارات الدولية والإقليمية، ناهيك عن ضربة قاضية تلقاها القرار الأمريكي الأحادي من قبل غالبية أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة عندما وقفوا بالضد منه، وكشف عن زيف الدور الأمريكي الوسيط في ما مضى من مسلسل المفاوضات، وأطاح بأي عملية سلام قادمة.

من بين عشرات التغريدات التي نشرها الرئيس الأمريكي في الآونة الأخيرة، دافع في إحداها عن سلامة قواه العقلية، بعد فضيحة الكتاب المثير(نار وغضب) حسب ما نقله مايكل وولف عن بانون الذي أورد فيه شهادات أسندها إلى أقرب 200 شخص من ترامب، وهذه الشهادات تشير إلى أنه لا يتمتع بقواه العقلية، أشعل الكتاب حربا ضاربة بين الرئيس ومستشاره الاستراتيجي السابق.

لاشك في أن الفضائح ليست بالأمر الغريب ولا العجيب عن سكان البيت الأبيض، وقصصها لم تغب عن الأذهان حتى الأن على اختلاف ألوانها، لكن دونالد ترامب استطاع أن يضرب الرقم القياسي في موسوعة رؤساء أمريكا الزاخرة، بادارته لأقوى دولة في العالم وهو مشكوك بمؤهلاته الذهنية جراء معاناته من اضطرابات عقلية، وهذا ما يجعل المرء متأرجحا بشأن التكهن في القادم الأمريكي (الترامبي) بين يجده ساخنا كسابقه ومن يراه سيبقى ساخرا.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى