سورية

السابع عشر من نيسان.. الذاكرة السورية على موعد مع تاريخ انتصار وتحقيق ذات

غنوة السمرة/مرايا الدولية

لطالما اعتاد السوري منذ الأزل طمع الأعداء بأرضه وشهد  أدهى الخطط والمحاولات لتدمير كيان بلده وجعله ورقة في خريف التاريخ

تعاقبت الحروب على أرض الشمس وتراكمت الأوجاع في قلوب بنيها كثرت أسماء من بذلوا لتعلوا جدران كل مدينة حتى أصبح العد لا يجدي.

مع هذه الأرض لا ينفع الندب والسؤم هنا يُخطُّ لكل حرب  قصيدة عن لذة الانتصار ولكل جرح نازف قطب من شرذمة العدو تشفيه.

السابع عشر من نيسان يوم يدق ذاكرة كل سوري سنوياً لتكون على موعد مع تاريخ انتصار وتحقيق ذات.

للعجوز سورية التجاعيد في هذا اليوم قصة أخرى ترويها لأحفادها قصة من العزة والإباء، فيها الأبطال حقيقيون رسخوا وحفروا صورهم في ذاكرة سوريا كشجرة تنام على ظلها واقفة.

 

مستهل الحكاية “إنذار غورو”
بعد أن قاوم السوريون لسنوات عجاف السيطرة العثمانية وتخلصوا منها رجاءً للحرية والسلام، أرسل الجنرال (غورو) إنذاراً إلى الملك فيصل في ال14 من تموز عام 1920، مرفق بكتاب حدد فيه مطالب الفرنسيين في سوريا

تجلت هذه المطالب في قبول الحكومة السورية انتداب فرنسا على سوريا، تسريح الجيش وإعادته إلى الحالة التي كان عليها قبل قيام المملكة السورية، إعادة العمل بالعملة الصادرة عن البنك السوري اللبناني، عدم معارضة الفرنسيين باستخدام خط حديد (رياق-حلب) وإنزال أشد العقوبات بالمعارضيين للوجود الفرنسي في سوريا وكانت مدة الإنذار أربعة أيام تنتهي في منتصف ليل 18 – 19 تموز

الرد على الإنذار كان في معركة ميسلون بقيادة يوسف العظمة التي كانت الفاصل بين العهد الوطني الناشئ وعهد الاستعمار والانتداب الفرنسي والمقدمة لكل الثورات التي تلتها، والتي جعلت الأرض تميد تحت أقدام الغزاة، فكانت أولى الصفحات التي كتب عنها سفر الجلاء لتصبح بمثابة نقطة البداية في مواجهة الاستعمار

الثورة الأولى عام 1922، بقيادة سلطان باشا الأطرش في جبل العرب، حيث قامت السلطات الفرنسية باعتقال المناضل أدهم خنجر، في دار سلطان باشا الأطرش وكان غائباً عنه، واندلعت على إثر ذلك معارك دامية مع القوات الفرنسية استخدمت فيها الطائرات وحقق الثوار فيها انتصارات أذهلت الفرنسيين.

ورغم توقف الثورة بعدها بعام، اتخذت سلطان الاحتلال إجراءات وحشية، كانت سبباً في اندلاع الثورة مرة أخرى عام 1925، بعدما عينت سلطات الاحتلال حاكم فرنسي طاغية، هو الجنرال كاربيه، الذي اتبع سياسة البطش بزعماء الجبل ورموزه الوطنية، وعندما أرسل كاربيه جنوده لدار سلطان باشا الأطرش ليطلبوا منه موافاة القائد الفرنسي في السويداء، ألقى أبناء الجبل القبض عليهم، ومن هنا اندلعت الثورة في السويداء، وتوالت المعارك الطاحنة، وأبيدت كثير من الحملات التي حاولت فك حصار القلعة.

وفي 23 أغسطس/ آب 1925، أصدر سلطان باشا الأطرش منشوره الشهير إلى الشعب السوري، الذي أعلن فيه بيان الثورة السورية الكبرى ومطالبها.

بعدها بسنوات، عندما نجح الملك فيصل الأول (ملك سوريا السابق)، والذي كان قد أصبح ملكا للعراق، في عقد معاهدة مع بريطانيا منحت العراق بعض الحقوق في الاستقلال، ما ترك أثراً كبيراً في سوريا، وأصبح المطلب الشعبي للحركة الوطنية عقد معاهدة مع فرنسا على غرار المعاهدة العراقية البريطانية، وبعد مفاوضات استمرت 6 شهور، توصل الوفد السوري المفاوض مع الحكومة الفرنسية، إلى عقد المعاهدة المعروفة بمعاهدة عام 1936.

كانت الحرب العالمية الثانية قد ألقت بظلالها على العالم، أذاع (ديغول) بيانه الشهير الذي وعد فيه سوريا ولبنان بالاستقلال وحق تقرير المصير.

وبناءً على ذلك، أجريت عام 1942 انتخابات نيابية فازت فيها الكتلة الوطنية، وفي أغسطس/ آب 1943 انتخب شكري القوتلي رئيسا للجمهورية السورية، وتألفت حكومة جديدة برئاسة سعد الله الجابري.
ومع اقتراب الحرب العالمية الثانية من نهايتها، حاولت فرنسا أن تعيد سيطرتها الاستعمارية على سوريا، فاندلعت الاضطرابات في كافة أنحاء سوريا وارتكب الفرنسيون المجازر بحق سوريا

استمر النضال وتوالت قصص الانتصار إلى أن حشمت تضحيات أبناء الشمس الموقف وجعلت جبروت المستعمر يقف أمامها مذهولاً ومهزوماً، ليخرج آخر جندي أجنبي من الأراضي السورية في 17 أبريل/ نيسان 1946.

 

بنو وطني…هذا يوم تشرق فيه شمس الحرية الساطعة على وطنكم، فلا يخفق فيه إلا علمكم، ولا تعلو فيه إلا رايتكم…هذا يوم الحق؛ تدوي فيه كلمته، ويوم الاستقلال تتجلى عزته، يوم يرى الباطل فيه كيف تزول دولته، وكيف تضمحل جولته. هذا يوم النصر العظيم والفتح المبين”.

بهذه العبارات هنأ شكري القوتلي الشعب السوري حينها على صموده ونضاله واستبساله حتى لحظة نيل الاستقلال وجلاء آخر مغتصب عن أرضه

أما عن الحاضر يحفر يومياً في ذاكرة الوطن ألف انتصار وانتصار يحيها أبناء هذه الأرض في المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى